ماذا تستفيد من العمل التطوعي في البيوتكنولوجي؟
العمل التطوعي، البيوتكنولوجي، اكتساب الخبرة، تطوير المهارات، شبكة العلاقات، التوعية العلمية، فرص البحث، خدمة المجتمع، التنمية الشخصية، مساهمة علمية

• ماذا تستفيد من العمل التطوعي في البيوتكنولوجي؟
الحق أن هذا السؤال يُطرح عليّ كثيرًا، لذلك أودّ الإجابة عنه مرة واحدة وللأبد، لأنني سئمت تكرار الرد. بالرغم من أنني أحب هذا السؤال، وأحب إجابته، لكن ليس كل الناس تملك نفس العقلية... أو بالأحرى، ليس كل الناس تملك قلبًا مثل بقية البشر الأسوياء ليفهموا به. أنا مؤمن أن الفهم لا يعتمد فقط على العقل... بل على القلب أيضًا. طيب يا طه، ما الذي تستفيده إذًا من العمل التطوعي؟
يا عزيزي، أنت آخر شخص يُفترض أن يطرح عليّ هذا السؤال. ولماذا؟ لأنك مصري مثلي، مسلم مثلي، أو حتى إن كنت مسيحيًا، فنحن الاثنان نؤمن بمفاهيم الرحمة، والمحبة، ونشر الخير، وكل هذه المعاني الجميلة. بمعنى أنني وأنت لسنا ملحدين مثلًا حتى لا نؤمن بقيمة العمل التطوعي كأحد أشكال العمل الخيري. لماذا عقولنا جامدة إلى هذا الحد؟ لماذا لا نعرف كيف نربط الأمور ببعضها؟ هل صار الخير يعني فقط أن أوزّع البطاطين؟! أو أن أشارك في حملات جمعية "رسالة" أو "الأورمان" مثلًا؟ حتى إزالة الأذى عن الطريق تُعد خيرًا عظيمًا في ديننا... فماذا بعد؟
متى سنفهم أن المتطوع هو إنسان يشعر برغبة عميقة في مساعدة الآخرين؟ يا صديقي، سؤالك في الأساس خاطئ. لا تسألني: "ماذا تستفيد؟" لأنني في الأصل لا أمارس التطوع من أجل الاستفادة... بل من أجل الإفادة. طيب يا طه، هل تحاول أن تقنعني أنك لا تستفيد أبدًا من التطوع، خصوصًا وأنك تتطوع في مجالك، في البيوتكنولوجي هنا بالضبط تكمن الحيلة... نعم، أستفيد. وقد استفدت. وسأظل أستفيد فوائد كثيرة وكبيرة جدًا... لكن، من باب الجزاء من جنس العمل. أي أن هذه الفوائد ليست فوائد مباشرة ناتجة عن التطوع بحد ذاته، بل من التفاعلات التي تحدث أثناء تطوعي: علاقاتي، أفكاري، أنشطتي، شغلي... إلخ. من الطبيعي أن تتعامل مع خلق الله من كل الجهات، ومن الطبيعي أن تأتيك الأرزاق من كل نوع. ومن الطبيعي أيضًا أن ييسّر الله لك ما تريد، خاصة إن كنتَ تسعى لتيسير أمور الآخرين... أو هكذا تظن!
إذًا، الأساس هو أن تبدأ بنية العمل الخيري، والتطوع من أجل الخير، ثم يأتي التوفيق والرزق كبركة لهذا الخير الذي تحاول تقديمه. كل من يحب المساعدة سيُدرك تمامًا ما أقول، أما من لا يحب المساعدة، ويخفي ما لديه من قدرة أو فضل، فهو محروم، وفاته الكثير، ولن يفهمني على الإطلاق. ستفهمني فقط إن كنتَ من النوع الذي يحب أن يساعد، أما إن كنت من النوع الآخر... فلن تفهم.
ما الخلاصة إذًا؟ الخلاصة أنني متطوع وسأظل كذلك، حبًا في التطوع. الخلاصة أيضًا أنني أحب التطوع في مجالي، لأنه المجال الذي أستطيع أن أقدّم فيه أقصى فائدة، لزملائي ولمجتمعي. الخلاصة كذلك أنني أستفيد، نعم، ولكن الفائدة تأتيني في الطريق، وأنا أحاول أن أُفيد، لا لأنها شرط لاستمراري. والأهم من كل هذا، أنني أتعلم. التطوع طوّر شخصيتي وأضاف لي الكثير. وربما هذه هي الاستفادة المباشرة الوحيدة. وطالما أنني أمارس التطوع، فأنا أحرص على أن أطور من نفسي، ولا أكرر نفس التجربة بنفس الشكل، كي أكتسب خبرات متعددة.
الخلاصة المفيدة؟ أننا – كمصريين – آخر من يحق له طرح هذا السؤال! نحن معروفون بحبنا لمساعدة الآخرين ونجدة الملهوف. فهل يُعقل أن نسأل عن فائدة التطوع؟ خاصة وأن كثيرًا من المنح أو الوظائف تهتم اهتمامًا بالغًا بدورك المجتمعي وخدمتك للمجتمع. وتكون خدمة حقيقية، لا مجرد حكاية تُقال في مقابلة شخصية... لأنك ستُكتشف فورًا.