احتياجات دارسي التكنولوجيا الحيوية في كليات العلوم للانخراط في ريادة الأعمال
احتياجات دارسي التكنولوجيا الحيوية في كليات العلوم للانخراط في ريادة الأعمال

• احتياجات دارسي التكنولوجيا الحيوية في كليات العلوم للانخراط في ريادة الأعمال
ما هي أهم المتطلبات التي يحتاجها المتخصص في التكنولوجيا الحيوية (البيوتكنولوجي) ليخوض مجال ريادة الأعمال؟ من خلال قراءتي، ومتابعاتي المستمرة، واحتكاكي بعدد من رواد الأعمال، استطعت تكوين رؤية واضحة حول أبرز المتطلبات التي ينبغي أن تتوافر لدى دارسي التكنولوجيا الحيوية لكي يتمكنوا من الانطلاق في مجال ريادة الأعمال. وبطبيعة الحال، من الضروري أولًا فهم ماهية "ريادة الأعمال" قبل التطرق إلى هذه المتطلبات؛ فريادة الأعمال تختلف كثيرًا عن مفهوم "إدارة الأعمال" التقليدية. رائد الأعمال ليس مجرد رجل أعمال عادي؛ إذ إن ريادة الأعمال ترتبط ارتباطًا وثيقًا بالأفكار المبتكرة، والإبداعية، والتكنولوجية. وتتميّز الشركات الناشئة الريادية — عمومًا — بمعدلات نمو أعلى بكثير من المشروعات التقليدية، فضلًا عن فرص التوسع الملحوظة التي تميّز هذا النوع من الشركات. وتُعد هذه السمات من أبرز خصائص الشركات الناشئة ضمن إطار ريادة الأعمال.
والآن، ما هي هذه المتطلبات؟ أود أولًا أن أُذكّر بأن دارسي التكنولوجيا الحيوية ليسوا جميعًا على نمط واحد. ماذا أقصد بذلك؟ هناك نوعان من الدارسين لهذا التخصص: فئة تدرس التكنولوجيا الحيوية ضمن كليات نظرية، مثل كلية العلوم. وفئة أخرى تدرسها في كليات تطبيقية، مثل كليات الزراعة وكليات التكنولوجيا الحيوية المستقلة. ومن المهم أن ندرك أن الطابع الأكاديمي للكلية — أيا كان — يترك أثرًا بالغًا في طريقة تفكير الطلاب، وتوجهاتهم، وميولهم العلمية والمهنية. وبالتالي، تختلف المتطلبات التي يحتاجها كل نوع من هذين النوعين لدخول قطاع ريادة الأعمال. وقد تناولت بالتفصيل الفرق بين الكليات النظرية والتطبيقية في مقالتين مستقلتين (سأضع روابطهم).
نظرًا لأن دارس التكنولوجيا الحيوية في كلية العلوم يتلقى جرعة مكثفة من الدراسات العلمية البحتة — نتيجة طبيعة الكلية ونظام التدريس فيها — فمن المهم أن يُدرك أن لديه نقاط قوة ينبغي استثمارها، وكذلك نقاط ضعف تحتاج إلى العمل عليها. وهذا بالطبع على وجه العموم؛ إذ قد تختلف التفاصيل من شخص إلى آخر حسب اجتهاده الشخصي. نقطة القوة الأساسية هي امتلاك خلفية علمية رصينة في المبادئ الأساسية (Basics) للعلوم.
وهذه ميزة كبيرة، لكنها قد تُشكّل أيضًا تحديًا في سياق ريادة الأعمال؛ إذ يحتاج رائد الأعمال إلى أن يكون متصلًا بالواقع وباحتياجات السوق، لا أن يظل حبيس الإطار النظري. وبالتالي، يظهر أمامنا أول احتياج أساسي: الارتباط بالواقع وبالسوق — بمعنى القدرة على ترجمة المعرفة العلمية إلى منتجات أو خدمات ذات قيمة سوقية حقيقية. الاحتياج الثاني، الذي يرتبط مباشرة بما سبق، هو: تنمية مهارات التواصل، والمهارات القيادية، والمهارات الشخصية عمومًا؛ لأن التركيز المُفرط على الدراسة العلمية قد يجعل الطالب يُهمل تطوير هذه الجوانب المهمة في شخصيته، وهي ضرورية للغاية في عالم ريادة الأعمال، حيث يُعد العمل ضمن فرق، والتفاوض، وبناء العلاقات، من العوامل الحاسمة للنجاح.
أما الاحتياج الثالث فهو: بناء العلاقات المهنية — وهي التي ستُتيح للطالب دخول المجال فعليًا. من دون شبكة علاقات مهنية قوية، سيكون من الصعب بدء مشروع ريادي ناجح، أو حتى إيجاد الفرص المناسبة للتعلّم من رواد الأعمال، أو الوصول إلى مصادر التمويل، أو تكوين الشراكات المطلوبة.