هل هناك ضرورة لأنشاء نقابة لمهندسي التكنولوجيا الحيوية؟
هل هناك ضرورة لأنشاء نقابة لمهندسي التكنولوجيا الحيوية؟ , نقابة, بيوتكنولوجي, اطباء, صيادلة, علوم, زراعة, قسم, برنامج, تقنية حيوية, طلاب, مهنسين

• هل هناك ضرورة لأنشاء نقابة لمهندسي التكنولوجيا الحيوية؟
في الحقيقة، منذ أن بدأت دراستي، وأنا أتساءل: ما هي جدوى فكرة النقابة؟ ولماذا يحرص الطلاب دومًا على السؤال عنها؟ بل هل هم يدركون أصلًا ما تعنيه كلمة "نقابة"؟ لذا، قبل أن نتطرق إلى أي تفصيل، ينبغي لكل من يفكر في إنشاء نقابة لدارسي التكنولوجيا الحيوية أن يُدرك أولًا ما هي أهمية النقابة ودورها الحقيقي. وباختصار شديد، النقابة لا تختص إلا بشؤون أعضائها من العاملين في المهنة، من حيث التأمين على حياتهم، والمعاشات، وتوفير السكن، وغيرها من الخدمات الاجتماعية. كما أن لها دورًا في صياغة القوانين المنظمة لمهنة أعضائها بالتعاون مع الدولة ومجلس النواب. ومن هنا، تُحدد أهمية النقابة في هذه الأطر. فضلًا عن ذلك، لكي يكون للنقابة تأثير فعّال، ينبغي أن يكون عدد المسجلين فيها عددًا معتبرًا لا يُستهان به.
وبناءً عليه، فإن أي شخص يفكر في إنشاء نقابة جديدة تضم فقط دارسي التكنولوجيا الحيوية، لا ينبغي أن يتوقع نتائج ملموسة في حياته الشخصية؛ إذ ستكون مثل هذه النقابة قائمة من أجل الأجيال القادمة. وبالطبع، لا يعني هذا أن فكرة النقابة بلا أهمية — فمن يعلم؟ قد يكون لها شأن إذا أُنشئت على أسس صحيحة.
وهنا يُطرح سؤال مهم: ما هو الشكل الصحيح الذي ينبغي أن تُبنى عليه النقابة؟ من وجهة نظري، هناك مسار واحد واضح: ينبغي أن تكون الجهة التي تتبنى إنشاء النقابة جهة نشطة وفاعلة بالفعل في المجال، وليست مجرد جهة قائمة على الشعارات أو الكلام النظري. وهذا هو واقع الحال في أغلب النقابات، والأحزاب، والجمعيات الأهلية. وأود التأكيد هنا: حتى لو أُنشئت النقابة على شاكلة بعض الكيانات التي اعتدنا رؤيتها في مصر — أي دون عمل فعلي — فلن يكون لها نشاط حقيقي، ولن تُمثل حقوق أعضائها على الوجه المطلوب. وفي هذه الحالة، سيكون إنشاؤها مجرد إهدار لحقوق دارسي المجال.
ولنا مثال واضح في "نقابة العلميين"، التي — رغم الجهود المبذولة فيها على مر السنين — ما تزال وضعها ضعيفًا جدًا، وغير قادرة على أن تكون ممثلة قوية في الدولة. وهذا الأمر ينطبق على عدد من النقابات الأخرى، مع استثناء النقابات العريقة والقديمة، التي لا تعاني من هذه الإشكالية. لذلك، فكرة إنشاء نقابة جديدة في الوقت الراهن ليست حلًا، بل قد تُفاقم المشكلة. علينا أولًا أن نُثبت وجودنا كأفراد ذوي نشاط فعّال ووزن حقيقي في المجال، وحينها يمكن التفكير في إنشاء نقابة قوية.
لكن الحديث عن إنشاء نقابة لمجال لا يزال عدد خريجيه يُعد على أصابع اليد، هو حديث غير واقعي في الوقت الحالي. ما هو وزن هذه النقابة؟ وما الحاجة إليها الآن؟ إن إنشاء نقابة في الوقت الحالي أو خلال السنوات القليلة القادمة لن يكون سوى مضيعة للوقت والجهد. الأجدى أن ننتظر حتى يتمكن المتخصصون في المجال من ترسيخ وجودهم، وتأسيس كيانات قوية ومؤسسات قادرة على تمويل النقابة ودعمها والدفاع عنها. لأن هذه النقابة تحديدًا — لو أُنشئت — ستواجه منافسة شديدة من النقابات الأخرى، إذ من المتوقع أن تؤثر على عدد الأعضاء المنتسبين إليها. خاصة وأن مجال التكنولوجيا الحيوية يُعد من مجالات المستقبل، وأعداد المهتمين به والخريجين فيه تتزايد باستمرار بوتيرة غير متوقعة.